مشى تيخون إيليتش متمهلاً بين الأشجار والصلبان في الطريق المؤدية إلى الكنيسة الخشبية العتيقة. حين كان في السوق قصّ شعر رأسه وشذّب شعر لحيته وقصّرها – فبدا أكثر شباباً. لقد جعله نحوله بعد المرض يبدو أصغر سناً. وزادته السمرة التي سببتها الشمس صبا، ـ لم يبد ابيضاض بشرته الرقيقة، إلا في المثلثات الحليقة عند صدغيه... كما زادت مظهره شباباً ذكريات الطفولة والصبا والقبعة الجديدة المصنوعة من الكتان ".
"كانت الريح الحارة تهب على رؤوس الأشجار التي يغمرها الضوء، عابرة السماء الصافية، وكان ظل الأشجار الشفاف الخفيف الذي فقد كثافته بفعل الحرّ، يداعب الحجارة والتماثيل من حين لآخر. ولكن الشمس، حين تهدأ الريح، كانت تسخّن بحرّها الشديد الزهور والأعشاب، والطيور تغني بين الشجيرات، أما الفراشات فتتجمد باستسلام لذيذ فوق الممرات الساخنة"
" أغمض كوزما عينيه وراح يصغي إلى الحديث تارة وإلى البلابل تارة أخرى، جالساً على مقعد رطب بالقرب من العرزال، يتساقط عليه رذاذ صقيعي كلما هبت الريح الرطبة على الدرب المحاط بالزيزفون، في عتمة المساء تحت قبة السماء الراعدة، المنتفضة كلما لمع البرق الشاحب " .
"كان كوزما يحضّر السماور بنفسه في الصباحات، ثم يجلس قرب النافذة في الصالون يشرب الشاي بالتفاح: الدخان يتصاعد بكثافة في ضوء الصباح اللامع فوق أسطح بيوت القرية وراء الجرف، ورائحة النضارة تضوع في الحديقة. وحين تغمر الشمس القرية في الظهيرة يغدو الجو حارّاً في الفناء، وتتهدل أشجار الزيزفون والدلب فتتساقط أوراقها الملونة في هدوء. وتقف طيور الحمام، التي أدفأتها الشمس، نهارها كله نائمة على سطح المطبخ المنحدر الذي تلتمع صفرة قشه الجديد تحت قبة السماء الزرقاء الصافية"
" ما ألذّ أن يسمع في نومه أصوات المسافرين العائدين، ويشعرَ بالعربة تنزلق مترنحة وكأنها تنحدر أبداً في طريق جبلية، فيحفّ خدّه بالوسادة، وتنزلق قبعته، فيحسّ رأسه ببرودة الليل المنعشة؛ وما أحسن أن يستيقظ قبل شروق الشمس، في صباح ورديّ نديّ، وسط حقول القمح ذات اللون الأخضر الكامد، فتلوح له في البعيد، في الزرقة الملتصقة بالأرض، المدينة ببياضها البهيج ".
من رواية "القرية" تأليف: إيفان بونين، ترجمة: د.فؤاد المرعي
"كانت الريح الحارة تهب على رؤوس الأشجار التي يغمرها الضوء، عابرة السماء الصافية، وكان ظل الأشجار الشفاف الخفيف الذي فقد كثافته بفعل الحرّ، يداعب الحجارة والتماثيل من حين لآخر. ولكن الشمس، حين تهدأ الريح، كانت تسخّن بحرّها الشديد الزهور والأعشاب، والطيور تغني بين الشجيرات، أما الفراشات فتتجمد باستسلام لذيذ فوق الممرات الساخنة"
" أغمض كوزما عينيه وراح يصغي إلى الحديث تارة وإلى البلابل تارة أخرى، جالساً على مقعد رطب بالقرب من العرزال، يتساقط عليه رذاذ صقيعي كلما هبت الريح الرطبة على الدرب المحاط بالزيزفون، في عتمة المساء تحت قبة السماء الراعدة، المنتفضة كلما لمع البرق الشاحب " .
"كان كوزما يحضّر السماور بنفسه في الصباحات، ثم يجلس قرب النافذة في الصالون يشرب الشاي بالتفاح: الدخان يتصاعد بكثافة في ضوء الصباح اللامع فوق أسطح بيوت القرية وراء الجرف، ورائحة النضارة تضوع في الحديقة. وحين تغمر الشمس القرية في الظهيرة يغدو الجو حارّاً في الفناء، وتتهدل أشجار الزيزفون والدلب فتتساقط أوراقها الملونة في هدوء. وتقف طيور الحمام، التي أدفأتها الشمس، نهارها كله نائمة على سطح المطبخ المنحدر الذي تلتمع صفرة قشه الجديد تحت قبة السماء الزرقاء الصافية"
" ما ألذّ أن يسمع في نومه أصوات المسافرين العائدين، ويشعرَ بالعربة تنزلق مترنحة وكأنها تنحدر أبداً في طريق جبلية، فيحفّ خدّه بالوسادة، وتنزلق قبعته، فيحسّ رأسه ببرودة الليل المنعشة؛ وما أحسن أن يستيقظ قبل شروق الشمس، في صباح ورديّ نديّ، وسط حقول القمح ذات اللون الأخضر الكامد، فتلوح له في البعيد، في الزرقة الملتصقة بالأرض، المدينة ببياضها البهيج ".
من رواية "القرية" تأليف: إيفان بونين، ترجمة: د.فؤاد المرعي