تلمنس واسطة العقد



انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

تلمنس واسطة العقد

تلمنس واسطة العقد

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدى ثقافي اجتماعي ، يعنى بأخبار تلمنس ، وكل ما يهمّ أبناءها داخل وخارج أرض الوطن

منتديات ( تلمنس واسطة العقد ) ترحب بزوارها الكرام أجمل ترحيب وتدعوهم للمشاركة معنا في تطوير هذه المنتديات بما يحقّق لنا جميعاً المتعة والفائدة ، والوقوف دائما على كل ما يتعلق ببلدتنا الحبيبة من أخبار وخدمات وغيرها . ساهموا معنا ولكم الشكر

تنويه .. عند تسجيلك في منتديات ( تلمنس واسطة العقد ) يرجى العودة إلى بريدك الالكتروني لتفعيل حسابك في المنتديات ، أهلا بكم


    من رواية " بطل هذا الزمان " لـ " ميخائيل ليرمانتوف "

    Admin
    Admin
    Admin


    عدد المساهمات : 70
    تاريخ التسجيل : 07/04/2010

    من رواية " بطل هذا الزمان " لـ " ميخائيل ليرمانتوف " Empty من رواية " بطل هذا الزمان " لـ " ميخائيل ليرمانتوف "

    مُساهمة  Admin الجمعة ديسمبر 09, 2011 10:19 am

    من رواية " بطل هذا الزمان " لـ " ميخائيل ليرمانتوف "

    * انا لا أنظر الى آلام الآخرين وأفراحهم إلا من خلال علاقتها بي ، بوصفها ‏طعاماً تتغذي به قواي الروحية ، لقد سحقت الظروف طموحي ، ولكنه ظهر ‏في هيئة أخرى ، لأن الطموح ليس سوى التعطش الى السلطة ، ومتعتي ‏الأولى هي اخضاع كل من ما حولي لإرادتي وغرس محبتي والاخلاص لي ‏والخوف مني في قلوب الآخرين ، أليس هذا أول علامة من علائم الانتصار ‏الأعظم للسلطة ؟ أن تكون سبباً لآلام أحدهم وأفراحه من دون أن يكون لك حق ‏أدنى في ذلك ، أليس هذا هو الغذاء الأشهى لكبريائنا ؟ وما هي السعادة ؟ انها ‏ارتواء الكبرياء . لو عددت نفسي أفضل من في الدنيا وأقواهم ، لكنت سعيداً ، ‏لو أحبني الجميع لوجدت في نفسي ينابيع للحب لا تنضب . الشر يولد الشر ، ‏المعاناة الأولى تعطيك فكرة عن لذة تعذيب الآخر ، فكرة الشر لا يمكن أن ‏تدخل رأس انسان من دون أن يرغب في تطبيقها في الواقع : لقد قال أحدهم : ‏الأفكار كائنات عضوية . ولادتها تعطيها شكلها ، وهذا الشكل هو الفعل ، من ‏تولد في رأسه أفكار أكثر يقوم بأفعال اكثر ، ولذا فإن العبقري المقيد الى ‏كرسي الوظيفة يجب أن يموت أو يصاب بالجنون ، تماماً كالانسان ذي البنية ‏الجسدية القوية الذي يموت بالسكتة القلبية اذا عاش حياة خاملة ساكنة . ‏

    * نعم ، ذلك كان قدري منذ الطفولة ! الجميع قرأ في وجهي علائم الصفات ‏السيئة التي لم تكن موجودة عندي ، ولكنهم افترضوا وجودها – وهكذا ‏وجدت . كنت متواضعاً فاتهموني بالخداع : فصرت كتوماً . كنت أحس بالخير ‏والشر احساساً عميقاً ، ولكن لم يعطف علي أحد ، الجميع وجه الي الاهانات ، ‏فأصبحت حقوداً ، كنت متجهماً ، الأطفال الآخرون كانوا مرحين وثرثارين ، ‏كنت أشعر اني أعلى منهم مستوى ، ولكنهم وضعوني دونهم . فصرت حسوداً ‏كنت مستعداً لحب العالم كله ، ولكن لم يفهمني أحد : فتعلمت كيف أكره . لقد ‏جرى شبابي الباهت في صراع مع ذاتي ومع المجتمع ، كنت احتفظ بأفضل ‏عواطفي في أعماق قلبي ، خوفاً من السخرية . وقد ماتت هناك . كنت أقول ‏الحقيقة ولكنهم لم يصدقوني : فبدأت الخداع ، حين عرفت الناس ونوابض ‏المجتمع جيداً ، وصرت ماهراً في علم الحياة رأيت كيف كان الآخرون سعداء ‏من دون أن يمتلكون أية مهارة ، مستفيدين من تلك المكاسب التي كنت أسعى ‏اليها من دون كلل . حينئذ ولد اليأس في صدري ، ليس ذلك اليأس الذي ‏يعالجونه بفوهة المسدس ، بل هو يأس بارد عاجز يختفي وراء اللطف ‏والابتسامة الموحية بالطيبة ، لقد أصبحت مشوهاً أخلاقياً : نصف روحي غير ‏موجود لأنه جف وتبخر ومات ‘ فاجتثثته ورميته ، في حين أن النصف الثاني ‏كان يحيا ويتحرك راغباً في خدمة أي انسان ، ولكن أحداً لم يلحظ ذلك ، لأن ‏أحداً لم يكن يعلم بوجود النصف الآخر الميت .‏


    * وسألت نفسي : أمن المعقول أن يكون دوري الوحيد في هذا العالم هو ‏تدمير أحلام الآخرين . انني منذ بدأت أحيا وأفعل يقودني القدر دائماً الى ‏وضع حد لقصص الناس الدرامية ، وكأن أحداً لا يستطيع من دوني أن ‏يموت أو يصبه اليأس ! لقد كنت دائماً شخصية ضرورية في الفصل ‏الخامس ، ورغماً عني كنت أؤدي الدور البائس ، دور الجلاد والخائن . ‏ترى ما غاية القدر من ذلك ؟ .. أتراه وظفني مؤلفاً للتراحيديات المبتذلة ‏وحكايات الغرام العائلية _ أم عينني مثلاًُ ، بين موظفي مورد القصص الى ‏دار " بيبليوتيكا دلاشتينيا " - ( مكتبة للقراءة وهي دار نشر رجعية ) – من ‏أين لي أن أعرف ؟ .... كم من الناس يبدؤون حياتهم حالمين بإنهائها ‏كالاسكندر الأكبر أو بايرون ، ومع ذلك يظلون عمرهم كله كتاباً في ‏الدوايين ؟ ‏

    ‏* ولكن ما دافعي الى هذا العناء ؟ اهو شعور بالحسد نحو غروشنيتسكي ؟ يا ‏للمسكين ! انه لا يستحق الحسد أبداً . أم انه نتيجة ذلك الشعور الرديء الجارف ‏الذي يرغمنا على تدمير الأوهام العذبة بلانسان القريب منا ، كي نحصل عل متعة ‏ضحلة ونحن نقول له حين يأتي إلينا يسألنا بماذا يجب أن يؤمن بعد الآن : " يا ‏صديقي ، لقد حدث الأمر نفسه لي ، ولكن ها أنت ترى انني اتغدى واتعشى وأنام ‏نوماً هادئاً ، وآمل أن استطيع الموت من دون صراخ ودموع ! " ‏

    * هذا يسرني جداً : أنا أحب الأعداء ولكن ليس على الطريقة المسيحية ، انهم ‏يسلونني ويحركون الدماء في عروقي . أن تكون يقظاً دائماً ، تلتقط كل ‏نظرة ، ومغزى كل كلمة ، وتحرز النوايا ، وتخرب المؤامرات ، وتتظاهر ‏بأنك مخدوع ، ثم فجأة ، وبضربة واحدة ، تهدم البنيان الضخم لحيلهم ‏ونواياهم بعد أن بذلوا الجهد الطويل الشاق في تشييده – هذه هي الحياة كما ‏أريدها .

    * ما الأمر ؟ أموت إن كان يجب أن أموت ! لن تكون خسارة العالم خسارة ‏كبيرة ، وأنا نفسي أشعر بضجر شديد . أنا اشبه انساناً يتثاءب في حفلة ولا ‏يمنعه من الذهاب الى النوم سوى أ، عربته لم تأت بعد . فإذا باتت العربة ‏جاهزة – وداعاً ! ‏

    * قد أموت غداً .. ولن يبقى على الأرض كائن واحد استطاع ان يفهمني فهماً ‏تاماً . بعضهم يراني أسوأ مما أنا في الحقيقة ، وبعضهم يراني أفضل ... ‏بعضهم يقول : لقد كان فتى شهماً ، وآخرون يقولون كان حقيراً . وهذا ‏الوصف وذاك غير صحيحين . بعد هذا ، هل يستحق العيش أن نجهد لأجله ‏؟ ومع ذلك فنحن نعيش وبدافع الفضول ننتظر شياً ما جديداً ....انه لأمر ‏مضحك مبكٍ ! ‏

    * استعرض في ذاكرتي ماضي كله وأتساءل رغماً عني لماذا عشت ؟ ولأي ‏هدف ولدت ؟ انا واثق من وجود الهدف ، ومتأكد من أن دوراً سامياً كان قد ‏حدد لي ، لأني اشعر في روحي قوى لا حدود لها ولكني لم أحرز ذلك ‏الدور ، شدتني اغراءات الأهواء الغير مشكورة ، ثم خرجت من حمأتها ‏صلباً وبارداً كالحديد ، ولكني فقدت الى الأبد حرارة الميول النبيلة – أجمل ‏ألوان الحياة – وكم من مرة منذ ذلك الحين لعبت دور البلطة في يد القدر ! كنت ‏كوسيلة الاعدام أقع على رؤوس الضحايا الذين حكم القدر عليهم ، من دون ‏حقد في أغلب الأحيان ، ودائماً بلا شفقة . ‏

      الوقت/التاريخ الآن هو الثلاثاء مايو 07, 2024 4:45 am